خطابكم ممقوت وخطابهم مرفوض
لم تكن حالة الانقسام والاستقطاب التي عانى منها المجتمع المصري على مدار عام كامل هي صناعة سلطوية بالمقام الأول , وذلك عبر إعمال مبدأ المغالبة الذي كان سمة غالبة في شكل وروح التعامل لجماعة خرجت من تحت الأرض لتحكم , فرفعت شعارها المفضل التجاهل هو الحل لتصم أذانها عن أصوات ثبت أنها ليست بالقليلة , كما ثبت أن كثيرا من مطالبها كان محل اتفاق شعبي واسع النطاق ,كما لم تكن حالة الانقسام هذه هي صناعة الطرف الأخر من المعادلة السياسية - المعارضة – التي راحت بفعل الدفع القادم من تجاهل موجود , ومغالبة مستمرة , يشكلان ردا جاهزا من سلطة أصرت على قطع كل الطرق أمام المعارضة لتصعد مواقفها , وتعلى من سقف مطالبها تدريجيا حتى وصل الأمر إلى ( ارحل ) .
وسط هذا الزخم الهائل , والجدل الدائر , كان هناك خطاب اعلامى اقل ما يوصف به انه خطاب ممقوت , فقد ساعد وساهم على ان يرتقى بالاختلاف إلى خلاف ومن ثم إلى عداء .. ربما كان الأمر في بدايته تناولا إعلاميا عاديا من شرح, وتوضيح , وتعليق على الأحداث إلى ان تطور فأصبح شتما , فسبا , فقذفا , فتوعدا , ففتوى تكفر , وفى التتابع السريع لهذه الأحداث استتبعها بشكل أسرع استقبال شعبي أوسع ,وبالتالي ذهب كل إلى خندقه , وصف كل في موقع من يرى انه الاصوب , وظهرت إلى النور مسميات إعلامية لم يحزن الذين أطلقوها أنهم زجوا بالمجتمع إلى حافة الهاوية , ومن حدث ما حدث وألم إلى ألم حتى جاء 30 يونيو بروعة شعب أذهل العالم كعادته, لكن المأساة ظلت باقية , خطاب اعلامى أهوج يدفع نحو العنف من جانب على غرار ( قتلانا في الحنة ) وعلى الجانب الأخر خطاب لا يحوى إلا التشفى والانتقام بل والخروج الاخلاقى باستخدام ألفاظ وعبارات مستفزة لا تزيد إلا من خلاف أدى إلى مزيد من الدماء التي نراها تراق كل يوم هنا وهناك , ولا اعتقد ان تستقيم دعوات الأزهر الشريف مع بعض العقلاء حول مصالحة وطنية سريعة وفورية في ظل خطابين إعلاميين احدهما ممقوت والأخر مرفوض .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق